جوني وريتشارد, الصديقان الغيوران

جوني وريتشارد, الصديقان الغيوران

في مدرسة اسمها “الأجيال” كان هناك صبيان لا يعرفان إلّا بالمشاجرة بين بعضهما بسبب أشياء تافهة لا معنى لها, هكذا كان يظن معظم الأساتذة. وأمّا الآنسة “إميلي” المرشدة النفسية في المدرسة كانت تظن عكس هذا, فهي كانت تعتقد أنّ هذه المشاجرات ناتجة عن غيرة بين هذان الطفلان خصوصاً بعدما علمت أنّها مختلفان في الطبقة الاجتماعية, حيث كان جوني فقيراً وريتشارد غنياً, و ما كان منها إلّا أن تبحث عن حلٍّ يجعلهما يَكُفّان عن هذه المشاجرات, فمشاجراتهم بدأت تزعج المدير في المدرسة والأهالي أيضاً .

وبعد بحث طويل واستشارت العديد من أصدقائها المرشدين أيضاً, تبيّن معها حل وحيد وهو أن يتبادلوا السكن بين بعضهم حيث على جوني أن يذهب ليعيش في منزل العائلة الغنية وعلى ريتشارد أن يذهب ليعيش في منزل العائلة الفقيرة. ووافقت العائلتان على هذا الاقتراح وكانت المدّة المتفق عليها أسبوعان .

وذهب كل من جوني وريتشارد إلى منازلهم الجديدة وبدأوا يحاولون الاستقرار, وعندما وصل ريتشارد إلى منزله الجديد وجد أهلَ جوني بانتظاره أمام الباب لاستقباله. أما جوني لم يكن هناك أحد في المنزل سوا الخادمة حيث تبين له أنّ أهل ريتشارد يقضون معظم وقتهم خارج المنزل ولايوجد أي إخوة له, لا يوجد أحد سوى الخادمة, فشَعر بأسىً شديد على ريتشارد فهو وحيد. ثم صعد إلى الغرفة ونظر إليها ،لايوجد بها إلا ألعاب الفيديو، والتلفاز ولا يحتوي على قنوات تعلمية, فقط تسلية. وفي الساعة الخامسة مساءً أتى مجموعة من الأساتذة لكي يعلموه, ولكن الخادمة كانت قد شرحت لهم الوضعَ وهنا شعر جوني بكمية الوحدة التي يشعر بها ريتشارد واللامبالاة من أهله, إنه شعور قاتل.

بينما كان ريتشارد ينعم بالسكن لدى عائلته الجديدة, حيث أنه لم يكن لجوني إخوة فهو وحيد كريتشارد, ولكن الفرق بينهم أن جوني لم يكن يشعر بهذه الوحدة لأن أمه “بام” اهتمت به كثيراً وهذا ما تفعله مع ريتشارد وأما والد جوني “داني” اهتم كثيراً به, حيث لعب معه كرة القدم وأعطاه نصائح وقرأ له الكتب, فبدأ ريتشارد يعرف شعور أن يكون هناك عائلة تحبك كابنها, وأما بام فساعدته كثيرا في وظائفه وقرأت له القصص عند نومه وأعطته حنان الأم, في حين أن جوني كان يجلس وحده في المنزل يقرأ الكتب التي ذهب لشرائها لأنه لا يوجد كتب في المنزل وانتظر جوني حتى الساعة الثانية عشر مساءً حتى قدم والدا ريتشارد “كلود” و”جاد” وكانا قد جلبا معهما العديد من  ألعاب الفيديو والأطعمة لكي يتناولوا طعام العشاء سوياً, لكن جوني نظر لهم بيأسٍ وقال “أنا ذاهب لأنام يجب ان استيقظ باكراً للمدرسة” وقال بنفسه “بدأت أفهم لماذا يأتي ريتشارد إلى المدرسة مرهق ويبدو أنه لا ينام في الليل بل يسهر مع أهله” وذهب إلى غرفته وبدأ بتسجيل السلبيات والإيجابيات التي شاهدها فهذا ما طلبته منهم المرشدة ولكن لم يعرف ماذا سيكتب عن الإيجابيات وبقي هكذا طوال الأسبوع .

في عطلة الأسبوع قام ريتشارد بالذهاب في نزهة مع والديّ جوني واستمتعا كثيراً, وأمّا جوني فذهب إلى المسبح مع رفاقه ومن ثم إلى المطعم فهو الآن يملك النقود لفعل كل هذه أشياء, وعند العودة علم جوني ماذا سيكتب عن الإيجابيات, وأما ريتشارد فعلم ماذا سيكتب عن السلبيات, حيث أنهم لا يمتلكون ألعاب فيديو ويقرأون الكثير من الكتب وهو غير معتاد على ذلك, ولم يذهب في عطلة الأسبوع إلى المطعم أو المسبح  فهو لا يملك المال لفعل هذا. وأمضوا الأسبوع التالي بنفس الروتين.

وبعد انتهاء الأسبوعين عادوا إلى منازلهم الحقيقية والتقوا بالمرشدة الاجتماعية التي أخذت منهم ملاحظتهم وسألتهم وتحدثت معهم .

جوني : لقد فهمت كي يشعر ريتشارد بالوحدة دائماً, وانا اعتذر عن استهزائي بوحدته فيما مضى, لقد عرفت الآن أنه لايعلم بشعور العائلة وأن أهله يجعلونه يسهر معهم, وهذا قد جعلني اشعر بالحزن عليه وانا اعتذر منه كثيراً حقاً.

أما ريتشارد :انا أعلم كيف أن جوني لا يستطيع أن الذهاب إلى المسابح او المطاعم, فهي مكلفة بالنسبة له لذلك لايذهب معنا, لا لأنه لايحبنا, وأنا اعتذر منه كثيرا لأنني استهزأت به لأنه يقرأ الكثير من الكتب, ولكني بدأت أشعر أن هذا شيء مسلي جداً حقاً.

المرشدة مع جوني وريتشارد

وبعدها سألتهم المرشدة : لو كان كل منكما يعيش الحياة التي عاشها لأسبوعين طوال حياته هل كان ليكون أسعد ؟

فأجابا كلاهما ب:لا

فقالت لهم : إذا دعونا دائما ننظر لما لدينا بقناعة ليس علينا أن ننظر لحياة الآخرين دائما لكي نغار منهم, بالعكس نحن لدينا في حياتنا ما يرضينا ويجعلنا سعيدين والآخرين لديهم أيضاً، لدينا بعض المشاكل, نعم, أكيد, والآخرون أيضاً لديهم. ولكن علينا بحل مشاكلنا والعمل من أجل تفاديها باقي حياتنا وليس بالنظر إلى حياة الآخرين والغيرة منها وبذلك نوقف حياتنا. حاولوا دائما حل المشاكل التي تعترض طريقكم ولا توقفوا حياتكم لأجلها, وإذا لم تعرفوا كيف فأنا موجودة دائما لمساعدتكم.

كتبت القصة الصديقة دلع سلوم, نرجوا كتابة آرائكم في التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *