هادي, الأمير المفقود

هادي, الأمير المفقود

كان هناك فتاة طيبة القلب، متواضعة، وجميلة تدعى “هَنا” تزوجت بملك طيب القلب، شهم و متواضع، وكان أصيلا اسمه “آدم”، وشهد عصره المحبة بين أهل البلدة، ورزق هذا الملك بتوأم، وكانا صبيان جميلان جداً،ولكن لم يشبها بعضهما البعض كثيراً اسمهما “فراس”، و”هادي”.

وذات يوم قد تلقى الملك دعوة إلى ساحة البلدة لحضور زفاف ابنة أحد أهالي البلدة، وكانا هادي و فراس قد بلغا سنة ونصف ،وخلال الزفاف، وسط الحشود، وأصوات الأغاني قد أقدمت امرأة عجوز على أخذ هادي من عربته، وبقي فراس في تلك العربة لوحده، وثم بعدما أدركت العائلة الملكية ضياع ابنهم قد قلبوا البلدة رأساً على عقب، ولكن لم يجدوا ابنهم.

وأصبحت الملكة منذ ذلك الوقت ترى جميع الناس، وكأنهم ابنها الضائع، وثم راحوا يحاولون دائما إخفاء هذا عن ابنهم الآخر فراس لأنه لا ذنب له فيما حدث، وهو أيضاً فقد أخاه، ونصفه الآخر،وكان فراس دائما يفكر أنه لو كان معه أخوه كانت الحياة لتكون أجمل وأسهل.

وتلت السنوات بعضها، وأصبح عمر فراس تسعة عشر سنة، وقد تثقف، وعمل مع أهل بلدته لمساعدتهم في جميع ومختلف الأعمال،وكان شهماً،أصيلاً ومتواضعاً كوالده تماماً.

وذات يوم قرّرت العائلة الملكية إقامة مهرجان لدعم الفنون بجميع أنواعها، وهذه كانت فكرة فراس لأنّ برأيه أنّ الفنون تضفي روح السعادة والفرح على البلدة وعلى جميع سكانها.

وعندما كان يتمشّى ليتسوّق في ساحة البلدة سمع صوت حنون قد ذكره بصوت والدته عندما كانت تغني له لينام ،وكان هذا الصوت خارج من شاب يعزف ألحاناً رقيقة وعذبة على العود، ويغني بصوته الحنون، ورأى أمامه قبعة يضع بها الناس النقود ،ولكن فراس كان قد شعر بعدما أمعن النظر فيه أنّه يشبهه قليلاً، وعندما انتهى من الغناء أقدم إليه فراس وسأله عن اسمه

وقال له فراس : ما اسمك؟

فأجابه: اسمي هادي

فراس: أنا للمرّة الأولى أراك هنا

هادي: لأني من خارج البلدة

فراس: لقد أعجبت بصوتك كثيراً وعزفك أيضاً رائع، فلماذالا تأتي وتشارك في المهرجان الذي ستقيمه العائلة الملكية ؟

هادي: ولكن أنا من خارج البلدة، هل يُسمَح لي بالقدوم ؟

فراس: تأتي بصفتك صديقي

ثم قد تلت الليالي بعضها ،وأتى يوم المهرجان وذهب هادي إليه، ووجد الكثير من الناس العازفين ،والرسامين، والشعراء كلّها مجتمعة بقاعة من القصر الملكي، وكانت هذه القاعة مزخرفة بأجمل الرسومات ،وبعدما رأى كل هذا الكم من الناس قد شعر بضيق فهو لم يكن معتاداً فقرّر الخروج إلى الحديقة الخارجية للقصر، وعندما خرج وجد الملك وابنه فراس يتكلمان فقرّر العودة إلى الداخل فهو لايريد مقاطعة حديثهم وإذ به قد اصطدم بالملكة وقد دار بينهم حوار جميل

هادي: اعتذر كثيراً لم أراكِ

الملكة: لابأس، لم يحصل شيء، ثم نظرت به مطولاً وقالت له: أنا للمرّة الأولى أراك ،هل أنت من البلدة؟

هادي: هذا صحيح لأنّي من خارج البلدة، ولكن أتيت بصفتي صديق فراس

الملكة: أهلاً وسهلاً بك ،ما موهبتك؟

هادي: أنا أغني وأعزف

ثم أخذته الملكة إلى داخل القاعة من أجل أن تسمعه يغني ويعزف، وعندما بدأ قد نظرت إليه بتمّعن، ولاحظت أنه يشبه ابنها فراس قليلاً، وقد جذبها صوتهالحنون وعزفه الماهر، وشعرت بأنه قد لامس شيئاً من روحها بحنيّته، وعندما انتهى كانت أولى الأيادي التي تصفق له هي الملكة والملك وفراس، ثم أخذه فراس للرقص ،وعندما بدأ يرقص قد انتبهت الملكة على الوحمة التي على يده التي هي العلامة الوحيدة حيث كانت تُميّز بها بين فراس وهادي، ثم أخذت الملك على غرفة جانبية وأخبرته بالقصة، وبعدها جلبوا فراس وهادي وأخبروهم بالقصة.

ولكن هادي لم يصدق وعاد إلى بلدته، ووجد عمّه في منزله، فسأله واعترف عمّه بالحقيقة التي هي أنّ هذه العجوز قد باعته إلى العائلة التي ربّته بأربعين ليرة من الفضّة، وثم بعدما توفوا لم يقدر أن يخبره بالحقيقة لأن عمره كان ستة عشر عاما فهو بالنسبة له صغير، وكانت وصية أخاه له بعدم إخباره، وثم راح فراس يفكر بحياته بعد موت أهله وكيف أنه قد بدأ بالعمل منذ وفاتهم، وكان يتنقّل من بلدة لأخرى يعزف ويغني لكي يجمع النقود، وقد تعذّب كثيراً، والآن فهو يحتاج لحضن أسرته الدافىء فهو قد فقده منذ زمن، والعائلة قد فتحت له حضنها وقلبها، وعمّت السعادة البلدة، وقد طوّر فراس وهادي البلدة كثيراً.

كتبت القصة الطفلة دلع سلوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *