صناعة سلال الخيزران والقصب

صناعة سلال الخيزران والقصب

تعتبر صناعة السلال عملاً تابعاً بكل تفاصيله لصناعة اطباق القش ولكنها من اختصاص الرجال فهي بحاجة لقوة عضلية اكبر من صناعة القش.

 السلال أوعية للنقل بأحجام مختلفة يصل الحجم الكبير لسعة عشرين كيلوغرام ويسمى (السل) وأما الصغير فقد لا تتجاوز سعته الكيلوغرام الواحد. ولها أشكال مختلفة منها المتطاول العامودي ومنها الدائري الملتف. لكل سلة يد تتلائم مع حجمها وشكلها، أما ألوانها فتتموج بدرجات الألوان الصحراوية من الذهبي الفاتح إلى البني الفاتح. وتستخدم السلال لأغراض شتى اذ لا غنى للفلاح عنها لنقل الخضار والفاكهة والمنقولات من الحقل الى البيت أو السوق وحتى نقل وجبات الطعام التي سيتناولها أثناء نهار العمل في الحقل.

 تصنع السلال من القش السميك أو من قشور الخيزران أو القصب أو بحسب العنصر الطبيعي المتوفر في البيئة المحيطة، ففي دمشق وحلب مثلاً تصنع من القصب أما في الأرياف التي تكثر مياهها فيستخدم نبات صفصاف الحيلاف لكثرته. هناك أربع طرق

أساسية مُتبعة في صناعة السلال هي (النسج, التوأمة, الضفر واللف)

في كل طريقة يسْتَخْدم الصُنّاع جدائل مختلفة من المواد لتكوين سُداة السلة ولُحْمتها، وتتكون السداة من دعامة مجدولة تُسمى البرمق. أما اللُحْمَة فتتكون من جدائل نُسجت ببرمق السُداة وتسمى هذه الجدائل الناسجات. يأتي العامل بالقصب فيقشره ويشقه من المنتصف طولياً بواسطة سكين كبيرة خاصة تدعى (القطفة) ثم ينقع القصب بالماء لمدة يوم كامل، ثم يمسك بقصبتين ويلفهما مع آخريين لفة واحدة من الأسفل الى الأعلى حتى تتشكل قاعدة السلة وتترك حواف القصب لتمسك مع غيرها، وهكذا يتم اللف بشكل دائري حتى الوصول الى السعة ومن ثم الارتفاع المطلوبين, ثم يتم صناعة اليد وذلك بلف قصب بشكل لولبي عدة لفات حول حشوة من القماش أو القش على شكل قوس ويثبتها بقوة بواسطة المخرزعلى جانبي السلة من الأعلى.

لوازم العمل:

 المواد الاولية

قش القمح أو الشعير، قشور او عيدان الخيزران، القصب والصباغ

الأدوات المستخدمة لصنعه:

المخرز

وهو أداة حادة مدببة طولها حوالي عشرة سنتميترات

المسلة

وهي عبارة عن إبرة كبيرة الحجم يصل طولها الى عشرة سنتميترات

القطفة

وهي سكين كبير حاد يستخدم لقص القصب طولياً بالمنتصف

تدل الأمثلة الشعبية الكثيرة المتوفرة في البيئة السورية عن السلة عن تجذر هذه الحرفة في الموروث الشعبي ووجودها في كل بيت وحضورها في الوعي الجمعي.

ومن الأمثال الشعبية:

عديم وقع بسلّة تين

رجعنا بالسلة بلا عنب

قام من القفة وقعد عالدنب

استخدم الانسان القش والقصب منذ القديم لصناعة أدواته ولحمل الأشياء ونقلها وحفظها، فالحاجة دفعته لابتكار السلال والقفف والأطباق لشتى استخداماته المنزلية. وتدل اللقى الاثرية وبقايا القشيات المصنوعة قديماً أن الانسان استخدم القش والقصب وأنواع أخرى من الألياف النباتية المتوفرة في بيئته لصنع أدواته، كما استخدمها في التعبير عن حسه الجمالي وذوقه الفني بابتكار الرسوم وإدخال الألوان التشكيلية على الأطباق والحِصر واللوحات القشية.

واستمرت الحرفة حتى وقت قريب في تلبية احتياجات الانسان إذ أنها مصنوعة من مواد طبيعية تلائم الصحة وتقاوم الحرارة والبرودة وتسمح بتهوية الأطعمة المحفوظة فيها كما انها تدوم لوقت طويل جداً اذا جرى الاعتناء بها جيدا وتجفيفها بعد كل استخدام.

تعتبر حرفة صناعة القش وسلال القصب من الحرف المهددة بالاندثار بسبب دخول الآلة إلى الحياة العصرية في أدق تفاصيلها وتأثيرها سلباً على حرفة صناعة القشيات، فالحصادة الآلية تؤدي الى تكسير القش تماما لدرجة لا يمكن استخدامه في الصناعة مما أدى الى شح المادة الأولية وارتفاع سعرها كما ان انتشار الادوات البلاستيكية من سلال وأوعية وصناديق وغيره وتوفرها بأثمان بخسة أثر سلباً عل تسويق المنتجات وأدى الى استسهال استخدامها خاصة وأن تعقيدات الحياة لم تعد توفر الوقت الكافي للمرأة للعمل في القش الذي يتطلب وقتاً طويلاً.

كما لا يمكن إغفال ما تسببه المنتجات الصناعية الحديثة التي تتميز برخصها وجمال أشكالها رغم انخفاض جودتها وسرعة عطبها, على تسويق المنتجات المحلية التي لا تقارن بجودتها وإتقانها، وهو الأمر الذي يلفت الى عدم الاهتمام بالحرف اليدوية وضعف دعمها.

 ومن جهة أخرى، نجد في فنون الديكور الحديثة دوماً رغبة في العودة إلى عناصر الحياة الطبيعية وإحياء التراث عن طريق ادخال الصناعات اليدوية التقليدية في الديكور الحديث وتطويره بما يتماشى مع العصر، فوجد في الأسواق مواد مصنوعة من القش مثل سلال الهدايا والغسيل وأدوات الإنارة (الكلوبات / الابليكات / اللمبديرات) وإطارات الصور و التحف اليدوية المصنوعة من القش كأشكال الحيوانات والرموز التقليدية

كتب المقالة: أندريه ديب

الصور من صفحة بعيت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *